إذا كان مبدأ الحرية في التعاقد وإنهاءه هو الشريعة العامة التي تحكم عقد العمل- مبدئيا-، وأن العقد شريعة المتعاقدين ولهما الحق في إنهاءه بإرادتهما، فإن المشرع قد رتب أثرا قانونيا على إنهاء عقد العمل بصفة تعسفية ليعطي الجانب المتضرر الحق في الحصول على تعويض لجبر الضرر.
ويطرح إنهاء عقد الشغل بالإرادة المنفردة، لأحد طرفيه - خصوصا المشغل- عدة مشاكل قانونية، يأتي على رأسها مشروعية أو عدم مشروعية هذا الإنهاء. فالطرد الذي يتخذه المؤاجر ضد الأجير أثناء ارتكاب خطأ جسيم، يعد طردا مشروعا يفقد الأجير الكثير من الحقوق والامتيازات، أما إذا كان طرده طردا تعسفيا فإن المشغل بالرغم من كونه يملك حق الفسخ فإنه لا يجوز له التعسف في استعمال هذا الحق، وفي هذا الصدد يقول بلانيول "إن التعسف في استعمال الحق إنما هو خروج عن الحق. إذ ينتهي الحق حين يبدأ التعسف في استعماله...". ومتى كان الإنهاء غير مشروع، وصف بأنه تعسفيا ومن تم جاءت عبارة "الفصل أو الطرد التعسفي". وهو ما يرتب أثرا قانونيا نظمته النصوص القانونية المختلفة، والتي كانت متفرقة بين قانون الالتزامات والعقود ومجموعة من المراسيم الصادرة بعده، والتي طبعها الاجتهاد القضائي بتدخله في تفسيرها وسد ثغراتها وخلق قواعد فيما لم يتضمنه النص التشريعي، وهو ما جمعته مدونة الشغل.
وهنا يطرح التساؤل، هل استطاع المشرع المغربي بمقتضى هذه المدونة، أن يحقق الطابع الحمائي للأجراء في إطار علاقات العمل الفردية؟ وهل تحقق هاجس المشرع في دعم هذه القواعد، و تقليص السلطة الكاملة المخولة لرب العمل للتخفيف من آفة البطالة المتصاعدة؟ وما مدى رقابة القضاء على هذا الطرد الذي يتعرض له الأجير؟ ودور القاضي في تفعيل النصوص على الوجه المطلوب؟
كما يقال: إن القانون يولد ميتا، و التطبيق هو الذي يزرع فيه الروح.
فالتعويضات التي يستحقها الأجير بسبب الطرد التعسفي، تختلف باختلاف الأسس والأسباب القانونية التي تنبني عليها، وإذا كان التعويض عن الطرد التعسفي بمفهومه الدقيق يعتبر أهم تعويض، بالنظر إلى كونه يشكل أكبر تغطية للضرر اللاحق للأجير من جراء الطرد، فإن هذا التعويض و كذا باقي التعويضات، ترتبط وجودا وعدما بإقرار تعسفية الطرد من قبل القضاء.
وتجدر الإشارة إلى أن هذه التعويضات لا تعتبر من النظام العام، لذلك فالمحكمة حينما تبت في الطلبات المتعلقة بها، تتقيد بحدود هذه الطلبات، بمعنى أنها لا تحكم بأكثر مما طلب، عملا بمقتضيات الفصل 3 من قانون المسطرة المدنية، ويترتب على ذلك أنها تحكم للأجير بما طلب أو أقل منه، ولو كان يستحق أكثر مما هو مطلوب .
ويلاحظ أن المدونة أتت بتسميات جديدة فيما يخص هذه التعويضات، لذا سنعتمد عليها، ومن أجل التطرق لهذه التعويضات وكذا المقتضيات القانونية التي تنظمها، سنقسم هذا المبحث إلى مطلبين: نتناول (في الأول) التعويض عن أجل الإخطار وعن الفصل، ثم التعويض عن الضرر وعن فقدان الشغل في (مطلب ثان).